الثلاثاء, 18 يناير 2011 الساعة 14:12

قال خبير اقتصادي تونسي بارز، أمس، إن الاقتصاد التونسي سيتخلص بالطرق القانونية من القبضة المتشعبة لأسرة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وإن الاقتصاد في وضع يؤهله للازدهار.
وقال منصف شيخ روحه، الذي أرغم على بيع أسهمه في مجموعة صحافية عائلية لأحد أقرباء ابن علي والخروج من البلاد العام 2000، إن لجنة شكلتها وزارة العدل ستكشف عن أصول تم الاستحواذ عليها من خلال المحسوبية والفساد.
وقال شيخ روحه في مقابلة مع «رويترز» في باريس، حيث يقوم بتدريس التمويل الدولي في كلية «إتش إي سي» للأعمال، «تصرفوا كما لو كانوا مافيا تستنزف الأموال من جميع قطاعات الاقتصاد التونسي».
وأضاف «على سبيل المثال كانت العائلة تسيطر على جميع واردات السيارات. أي تونسي يريد استيراد علامة تجارية جديدة كان عليه إما أن يمنح حصة مسيطرة لأحد أفراد أسرة (ابن علي) دون أن يدفع شيئاً، أو أن يدفع حصة من الأرباح».
وقال شيخ روحه إن تونس بها طبقة كبيرة من رجال الأعمال الشبان تتوق لتحقيق الثروة، وخلق فرص العمل بمجرد تخليص الاقتصاد التونسي من قبضة أسرة ابن علي الخانقة، وبها كفاءات قادرة على إدارة البلاد.
وقال إن «البنك الدولي» أشار إلى أنه يمكن رفع معدل نمو الاقتصاد التونسي بواقع نقطتين مئويتين أو ثلاث من 4 بالمئة حالياً، ليوازي معدل النمو الهندي إذا تم القضاء على المحسوبية والفساد.
وشيخ روحه (65 عاماً) نائب رئيس دائرة الاقتصاديين العرب، وهو مقرب من رموز إصلاحية معارضة تشكل حكومة ائتلافية، وينظر إليه باعتبار أنه وزير محتمل للمالية أو الاقتصاد في حكومة ديمقراطية.
وقال «تونس لن تبدأ من الصفر»، مشيراً إلى أن نحو 1350 شركة فرنسية وبين 300 و400 شركة إيطالية، إلى جانب بعض الشركات الأمريكية الكبرى، لها حضور في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، والتي يبلغ تعداد سكانها عشرة ملايين نسمة، والتي وقعت اتفاقية للتجارة الحرة في السلع مع الاتحاد الأوروبي.
واضطرت كثير من الشركات الأجنبية العاملة في تونس إلى الدخول في شراكات مع أقرباء لابن علي وأفراد من أسرة زوجته ليلى الطرابلسي، وسيتعين الآن تصفية هذه الشراكات.
وقال شيخ روحه «نحاول ضمان أن يسود حكم القانون في تونس. أتوقع أن تتلقى هذه اللجنة عدداً كبيراً من طلبات التعويض. وسيتم التعامل مع الحالات الأكثر فداحة التي تخص عائلتي الطرابلسي وشيبوب ببساطة، باعتبارها قضايا غسل أموال».
وعائلة شيبوب هي أسرة زوج إحدى بنات ابن علي. وألقي القبض على عدد من أفراد أسرة الطرابلسي، أو تعرضوا للهجوم منذ فر ابن علي وزوجته من البلاد يوم الجمعة.
وقال رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي، في مؤتمر صحافي أمس، إن الحكومة التونسية ستحقق مع أي شخص يشتبه في ضلوعه في قضايا فساد أو تمكن من جمع ثروة كبيرة في عهد الرئيس المخلوع. وقال إن لجان تحقيق ستتولى إجراء مثل هذه التحقيقات.
ونفى الحبيب معالج، وهو مسؤول رفيع في «البنك المركزي التونسي»، تقارير ذكرت أن عائلة الرئيس السابق استولت على 1.5 طن من الذهب قيمتها 66 مليون دولار وهربتها إلى خارج البلاد.
وأضاف في مقابلة أجريت عبر الهاتف مع موقع افريكان مانجر الإلكتروني، إنه دهش بشدة لقراءة مثل تلك الأنباء، وإن احتياطات الذهب التونسية محفوظة جيداً.
وفي توضيح لأسلوب الاستثمارات الأجنبية في عهد ابن علي، أشار شيخ روحه لسلسلة «بريكوراما» الفرنسية، التي دخلت تونس من خلال شراكة مع أحد أفراد عائلة الطرابلسي.
وقال «من الناحية القانونية سيتعين علينا إيجاد شريك جديد لـ(بريكوراما). سيتم بيع الأسهم بشكل معلن».
وأثناء الاضطرابات هاجم محتجون أو نهبوا شركات عدة ذات ملكية فرنسية من بينها متاجر كارفور ومونوبري.
وقال شيخ روحه إن الهجمات كانت بدافع الغضب على تأييد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لابن علي -الذي رفضت باريس انتقاده حتى فراره- لكنها لن تستمر بعد الإطاحة بالنظام الديكتاتوري.
وأشار إلى أنه لم تحدث هجمات على فنادق أو سياح. وقطاع السياحة أكبر مصادر العملة الأجنبية لتونس، حيث يصل عدد زوار البلاد إلى 6.9 مليون سنوياً، وفقاً لـ«منظمة السياحة العالمية».
وعين رئيس الوزراء التونسي شخصيات معارضة في حكومة وحدة وطنية جديدة، أمس، في محاولة لاستعادة الاستقرار السياسي، بعد احتجاجات عنيفة في الشوارع أسقطت الرئيس زين العابدين بن علي يوم الجمعة الماضي.
وقال رئيس الوزراء محمد الغنوشي أيضاً إن الحكومة ملتزمة بالإفراج عن كل السجناء السياسيين، وإنها ستحقق مع أي شخص يشتبه بضلوعه في قضايا فساد أو جمع ثروة كبيرة في عهد الرئيس المخلوع.
وقال الغنوشي «وحرصاً على توفير أفضل مقومات الانطلاق في هذه المرحلة الجديدة، تقرر إحداث (إنشاء) لجنة عليا للإصلاح السياسي.
وتقرر إحداث لجنة وطنية لاستقصاء التجاوزات التي حصلت في الفترة الأخيرة، والتي تسببت في عديد الضحايا.
وتقرر أيضاً إحداث لجنة وطنية لاستقصاء الحقائق حول الرشوة والفساد.. لضبط الحالات التي وقع فيها الاستيلاء على الأموال العمومية والحصول على الرشاوي التي أدت إلى حالات الثراء الفاحش».
وقال وزير الداخلية أحمد فريعة للتلفزيون الحكومي إن 78 شخصاً على الأقل قتلوا منذ بدء الانتفاضة التي شهدتها تونس، مشيراً إلى أن حجم الأضرار والخسائر التجارية بلغ ثلاثة مليارات دينار (2.08 مليار دولار).
وكان لموجة الاحتجاجات على البطالة والكسب غير المشروع والقمع التي أطاحت بالرئيس التونسي آثارها أيضاً على أسواق الأسهم والعملات في أنحاء المنطقة من الأردن إلى المغرب، وينتظر المستثمرون ليروا إن كان التونسيون سيقبلون حكومة الوحدة الوطنية، وهل ستمتد الاضطرابات إلى الخارج.
ونزل نحو ألف شخص إلى الشوارع في وقت سابق من يوم أمس، مطالبين بتخلي الحزب الحاكم الذي كان يتزعمه ابن علي عن السلطة، وقال البعض إنهم لن يقبلوا بوجود أعضاء من حكومة بن علي في الحكومة الجديدة. واستخدمت قوات الأمن خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، وأطلقت النار في الهواء لتفريق المحتجين الذين تفرقوا سلمياً.
والغنوشي عضو في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان ابن علي يتزعمه، ويحتفظ الحزب بوجود مهم في الحكومة الجديدة.
وقال الغنوشي إن وزراء الدفاع والداخلية والمالية والخارجية سيحتفظون بمناصبهم في الحكومة الجديدة، وإن زعماء معارضين كنجيب الشابي سيشغلون مناصب وزارية.
وقال الغنوشي في مؤتمر صحافي إن الحكومة ملتزمة بتكثيف الجهود لإعادة الهدوء والطمأنينة إلى قلوب التونسيين، وأضاف إن الأمن والإصلاح السياسي والاقتصاد تمثل أولويات للحكومة.
وأضاف قائلاً «تتعهد الحكومة بفتح حوار مع كافة مكونات المجتمع المدني والسياسي، والتمكين من حرية التعبير والنشاط. كما تتعهد بتسريع الجهود لإرجاع الطمأنينة في نفوس كل التونسيين والتونسيات، والعمل على استتباب الأمن في أقرب الآجال.. وتلتزم أيضاً بتكثيف الجهود لدفع التنمية وإحداث مواطن شغل، وتحسين ظروف العيش في كل الجهات».
وألقت الاضطرابات السياسية بشكوك حول الطرح الأولي لاتصالات في تونس، حيث قالت مصادر مصرفية، أمس، إن شركة اتصالات تونس الحكومية ربما لا تتمكن من المضي قدماً في جولة ترويج بين المستثمرين للإدراج المزمع في بورصتي باريس وتونس، نظراً للوضع السياسي في البلاد.
وأضافت المصادر إنه كان من المقرر أن تعقد الشركة لقاءات مع المستثمرين في لندن وباريس وسويسرا الأسبوع المقبل.
وتملك الحكومة التونسية 65 بالمئة في الشركة، بينما تمتلك «تيكوم للاستثمارات» ومجموعة «دبي للاستثمار» الحصة الباقية.
وقال دانيال بروبي مدير الاستثمار لدى «سيلك انفست»، «ستتأخر بالتأكيد عملية الطرح العام الأولي لاتصالات تونس بسبب حالة الطوارئ ورحيل الرئيس». وأضاف «نرى أنه سيتعين على الشركات التي تقدم المشورة بشأن الطرح العام الأولي التزام الحذر والتأجيل إلى الربع الثاني أو ما بعده».
وقالت مصادر إن المدير العالمي للاكتتاب هو «كريدي سويس»، وتشارك أيضاً شركات وساطة عدة تونسية محلية. ورفضت متحدثة باسم «كريدي سويس» التعليق.
وقال مارك هوارد من «بي إم سي إي» بنك إنترناشونال، إن من غير الواضح ما إذا كانت عملية الطرح العام الأولي ستمضي قدماً.
ومن المقرر أن يكون الإدراج أول طرح لأسهم شركة تونسية في بورصة أوروبية، وقالت الشركة الشهر الماضي إنها قدمت المستندات إلى الجهات التنظيمية في بورصتي باريس وتونس.
للتعليق على التقرير